الأنفيلد بين العاطفة والواقع
ما يجعل ملعب الأنفيلد مميزًا ليس فقط تاريخه أو الألقاب التي شهدها، بل الأجواء الفريدة التي يخلقها جمهور ليفربول. مشهد الجماهير وهي تردد “لن تسير وحدك أبدًا” قبل انطلاق أي مباراة، يبعث الحماس في اللاعبين ويمنحهم دفعة معنوية. ولكن، هل تكفي العاطفة وحدها لحسم المباريات؟
في السنوات الأخيرة، أثبتت العديد من الفرق أن الأنفيلد ليس “حصنًا منيعًا” كما يدّعي عشاق ليفربول. فرغم ليالي المجد التي عاشها الفريق، شهد الملعب أيضًا لحظات انكسارٍ قاسية، جعلت من أسطورته مجرد سردية تتلاشى أمام الواقع.
حقيقة “الرعب” الأوروبي
يتحدث البعض عن أن الأنفيلد يمثل “رعبًا” للأندية الأوروبية في دوري أبطال أوروبا، لكن الحقائق لا تدعم هذا الادعاء. فقد سقط ليفربول على أرضه أمام فرق مثل:
- أتلتيكو مدريد (2020): قلب الطاولة وفاز في معقل الريدز، محبطًا آمال جماهيرهم.
- ريال مدريد (2023): قدم واحدة من أكبر الهزائم لليفربول على ملعبه، حين دك شباكه بخماسية قاسية.
- نابولي (2022): لم يجد صعوبة في قهر ليفربول في ملعبه، ليؤكد أن الأنفيلد ليس مخيفًا كما يُقال.
- باريس سان جيرمان (2025): انتزع فوزًا مهمًا رغم الأجواء الملتهبة في الملعب.
إذا كان الأنفيلد “جحيمًا”، فلماذا أصبح اجتيازه أسهل من أي وقت مضى؟
الأسطورة تنهار أمام المنطق
كرة القدم لا تعترف بالخرافات، بل بالأداء داخل الملعب. صحيح أن الأجواء الجماهيرية تلعب دورًا مهمًا، لكنها لا تضمن الفوز. الفرق الكبرى لم تعد تخشى أصوات الجماهير، بل تعتمد على استراتيجياتها وجودة لاعبيها لتحقيق النتائج.
الأنفيلد قد يكون مسرحًا لليالٍ لا تُنسى، لكن الادعاء بأنه “جحيم لا يُخترق” لم يعد منطقيًا. لقد رأينا أندية أوروبية كبرى تأتي إليه، تحطّم هذه الأسطورة، وتخرج منتصرة.
هل يستعيد الأنفيلد هيبته؟
قد يعود الأنفيلد ليكون معقلًا يصعب هزيمة ليفربول فيه، لكن ذلك لن يحدث إلا عندما يصبح الفريق نفسه أكثر ثباتًا من الناحية الفنية والنفسية. فالملاعب وحدها لا تصنع البطولات، بل اللاعبون الذين يدافعون عن ألوان فرقهم داخل المستطيل الأخضر.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيظل الأنفيلد مجرد ذكرى جميلة يتغنى بها عشاق ليفربول، أم أنه قادر على استعادة بريقه ليصبح مجددًا حصنًا حقيقيًا لا يُخترق؟